بيت صغير نحبّ فيه العالم

خارج البيت، أمضت “ريم” أعوامًا في اختبارات العالم.

وثقت في من لا يستحق، وأودعت أسرارها في قلوبٍ مثقوبة، وبنت علاقاتٍ على أرض رخوة.

كانت تظن أن النضج هو أن تتقن الحديث مع الغرباء، أن تتفتح كزهرة برّية في كل مكان. لكنها أدركت، متأخرة، أن العالم لا يُربّت على كتفك حين تنهار، بل يراقبك وأنت تسقط. في لحظة من لحظات الوضوح، كتلك التي يصنعها العيد،

فهمت أن كل ما تحتاجه حقًا هو نواة: نواة دافئة، متماسكة، تختبئ فيها حين تهبّ العواصف. نواة لا تُبهر العالم، لكنها تنقذك من برده.

الأسرة ليست فقط من نولد بينهم. الأسرة هي من يردون على الهاتف في منتصف الليل، من يعرفون حكاياتنا دون أن نقولها، من لا يُكلفونك أن تكون قويًا أمامهم.

اولئك الذين لا يُربكونك بأسئلتهم، بل يهدّئون ضجرك بنظرة.

“ريم” لم تعد تُراهن كثيرًا على الأصدقاء، ولا على المواعيد التي تُقطع في المقاهي الهادئة.

فالسلام الحقيقي لا يأتي من محادثة عميقة في مساءٍ غريب، بل من فوضى بيتك، من العتاب الذي لا يجرح، من سؤال أمك: “كلّيت؟” كأنها تطمئن على روحك لا معدتك.

في العيد، فقط، تفهم أن العالم ليس كلّه ساحة اختبار، وأنك لا تحتاج أن تُربح كل المعارك. يكفي أن تعود…

إلى حيث يُقفل الباب لا ليُبعدك عن الناس، بل ليُعيدك إليك. إلى أول حضن… وأصدق سلام.

Leave a Comment